حياد فارغ، ولون رمادي لا يُنبئُ بشيء صريح، وتوهَّجٌ مُقلق غير ثابتٍ، يُحيط هالتَك الغارقة في عُزلة البحث عن وجودها الكُليِّ، المتمثل في رُكنٍ بعيد عن كَونٍ لا يكتفي عن محاولات إغراق كل تصوراتكِ عنه
تركتُ قُبحًا أتاني، وهذيان الأمم.
قَبلَكِ يا عزيزتي كنتُ حادَّ الطباع مع هذا العالم الملوَّث بالأكاذيب، كنتُ وسط خُدعة كبيرة، أجبرتُ نفسي على دخولها دون نساء.
بالطبع لم أكن لأفهم أنني كنتُ أخسر، ماضٍ في مكابرةِ همجيةٍ، تُخفي الجانبَ الأكثر إشراقًا الآن بوجودكِ، إن سطوة الماضي القريب قبلك عبثيةٌ في حقيقتها، والجحيم ليس حُلمًا؛ بل كلمة تُحسِّن وصف حالي؛ بين ليلٍ طويل، ونهار مُجهِدٍ لا تعبره خصلاتُ شعر امرأة؛ لكي تطويهما بها.
هل تتفقين معي لو قلتُ أنك أتيتِ لتغيير وجهِ عالمٍ قاتم حولي، ولو قليلًا؟ أترك الجواب إلى الحياة التي تنتظرني معكِ، إلى اصباح الذي ستختلف حول فاعليتِه بنَسَبِه لي ولكِ، ووِفق ما تُخبئه الأيام التي دَأَبَتْ على تَشكُّلِها، كحُلم لم أعش وَاقع حقيقته، ولم أمارس شغف عَيشه إلا قليلًا، رغم مُضي الأيام خاويةً من غير امرأة تُبدِّلُها.
حياد فارغ، ولون رمادي لا يُنبئُ بشيء صريح، وتوهَّجٌ مُقلق غير ثابتٍ، يُحيط هالتَك الغارقة في عُزلة البحث عن وجودها الكُليِّ، المتمثل في رُكنٍ بعيد عن كَونٍ لا يكتفي عن محاولات إغراق كل تصوراتكِ عنه.
كم مُجحف ذاك بحقك! أن تستقبليني بكل تلك الفرص الضائعة لكياني، الذي يُكلِّفكِ قبل وصولك محاولاتِ نجاح علاقته بكِ، فارضًا أنك تَعبرينه؛ لتكوني كيانَه فيكِ، هذا وجعي الذي ولدتُ به، وعِشته كأملٍ أخير، انتظرتُ أمدًا كي يتحقق، لستُ مُتعبًا مِني، بقدر تعبِ الانتظار، الذي جعلني كائنًا غير صالح لما حوله، حادَّ الطباع، لا يسمح لتفاهة عالية الجودة أن تخترق تفكيره، ويرتاح من مُقارعة ما لا يستطيع أن يتجاوزه.
كنتُ ألهث خلف سرابٍ عالقة أطرافُه بخيالي، متمسكًا بحقيقة حضورك المتخيَّلِ عبره، لم تأتِ إلا بعد مسافةٍ ودهرٍ، ونزفٍ طويل لهذه اليد التي تكتب إليك، بعضَ ما مضى من شقوق الباب.
كلُّ يوم تصنع يدي شكلًا غير ثابت، تُعدِّله مرارًا وِفق الضوء المُنبعِث من بقايا نورٍ داخلي، محاولًا حدَسَ مسالك الغيب الذي ستأتين منه، مُهلِّلةً في وجه الخَيْبةِ التي تُكبِّل انتظاري.
“شكرًا لقدومك الآن، ولمعالجتكِ العمر الذي مرَّ بدُونكِ!”
الدوحة 2022
